والرابع: ألا يعلم بالعيب إلا بعد أن اشتراها مرة ثانية.
فإن علم بالعيب قبل أن يبيعها فلا خلاف أنه لا حجة على البائع الأول ولا رجوع.
فإن علم به بعد البيع فلا يخلو المبيع من أن يكون قائمًا بيد المشتري الثاني، أو فائتا.
فإن كان قائمًا فهل للمشتري الأول الرجوع على البائع الأول بقيمة العيب أم لا؟
فالمذهب على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يرجع عليه بشيء، وهو قول ابن القاسم في "الكتاب" لأنه في بيعه على أحد وجهين: إما أن يبيع بمثل الثمن فقد عاد إليه ثمنه، وإما أن يبيع بأقل، فإن النقض لم يكن لأجل العيب.
والثاني: التفصيل بين أن يبيع بمثل الثمن فأكثر فلا يرجع بشيء وبين أن يبيع بأقل من الثمن فيكون له الرجوع على البائع الأول بالأقل من قيمة العيب أو ما نقص من الثمن، وهو قول أشهب.
والثالث: أن له الرجوع بقيمة العيب على حال كما لو هلك المبيع.
فإن باع بمثل الثمن أو أكثر؛ لأن ذلك يكون لزيادة المبيع في نفسه أو لغلاء سوق أو لمعاملة كانت في وقت الشراء، وهو قول مالك في "مختصر ابن عبد الحكم".
وسبب الخلاف: الطوارئ هل تراعى أم لا تراعى؛ فمن اعتبرها قال: لا يرجع على البائع بشيء؛ لاحتمال أن يعود إليه يوما فيمكن من الرد على البائع الأول.