وأما الشفعة فبكونها علة بالإبار أو باليبس جاءت الروايات عن متقدمي الأصحاب، وأما الاستحقاق فبكونها علة باليبس أو بالجذ جاءت أيضًا، وكلاهما عن ابن القاسم، وأما التفليس فبكونها علة بالجذاذ أو بالإزهار جاءت أيضًا، وكلاهما عن ابن القاسم، إلا أن مذهبه في "المدونة" في هذه المسائل أنها بالإزهار تكون علة في السؤالين الأولين، وباليبس تصير علة في الشفعة والاستحقاق وبالجذ تصير علة بالتفليس.
وما أشرنا إليه من التوجيه فيما تقدم يطلع منه على سبب الخلاف هاهنا.
فإن وجدها المشتري بعد الإبار وقبل الطياب أو وجدها قبل الإبار وقد كان الأصل خاليا منها يوم التبايع فإنها للمشتري وهل يحاسب بها أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنه لا يحاسب بشيء، وهو قول ابن القاسم في "الكتاب"، وهو الصحيح.
والثاني: أن الشفيع يحاسب المشتري ويأخذ الأصل بحصته من الثمن، ويحاسب البائع في الاستحقاق ولا يرجع عليه إلا بما ينوب الأصل، ويحاسب به الغرماء في التفليس ويأخذ الأصل بحصته من الثمن ويحاصص الغرماء بما ينوب الثمرة من الثمن بناء على أن لها حصة من الثمن قبل الإبار، وهو قول أشهب في "كتاب ابن المواز"، وليس بصحيح والله أعلم.
وأما الحال الثاني: وهو أن تكون الأصول عند البائع مشغولة بالماء فإن الأسئلة الثلاثة تختلف فيه.