إن البراءة لا تنفع لأهل الميراث ولا لغيرهم إلا أن يكون عيبا خفيا فعسى.
والقول السادس: أنها تنفع في ما طالت إقامته عند البائع واختبره، وأما ما لم تطل إقامته ولم يختبره فلا تنفع فيه، وهو قوله في "الواضحة" و"الموازية" وهذا القول أيضا قائم من "المدونة" في الجانب الذي يأتيه الرقيق حيث قال: لا تنفعه البراءة.
والقول السابع: أنها لا تنفع في شيء من الأشياء جملة كافية سواء اشترطها أو لم يشترطها، وهي رواية حكاها القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب عن مالك في المذهب أن البراءة لا ينفع اشتراطها في شيء ولا يبرأ البائع إلا بما برئه المبتاع، وعللها بعض الأصحاب أن البيع على البراءة غرر وخطر، ولا فرق في ذلك بين بيع السلطان وغيره، وهذا القول أيضا قائم من "المدونة" من قوله الذي رجع إليه: أن البراءة لا تنفع في الرقيق، يريد: ولا في غيره لا لأهل الميراث ولا لوصي ولا لسلطان؛ وعلى هذا تأول اللخمي المسألة.
ويدل على صحة هذا التأويل قوله في مسألة أول عهدة باب المفلس فيمن اشترى عبدًا من مال رجل قد فلسه السلطان فأصاب فيه عيبا حيث قال: يرده على الغرماء، ويدل عليه أيضا قوله في الباب الأول: وكان وقوله في الرقيق في بيع الميراث والسلطان في المفلس .. إلى آخر المسألة: وأنه لا يلزم البائع شيئًا مما أصابهم؛ فقوله القديم يدل على أنه اختلف في ذلك، وأن له فيها قولا جديدًا.
وقال في موضع آخر في "الكتاب": ما وقفت لمالك على هذا إلا ما أخبرتك من قوله القديم، وقد خالف في هذا التأويل جماعة من الشيوخ، وتأولوا مسألة المفلس أنه كان عالم بالعيب وعلم بعلمه.