فوجه قول ابن القاسم أن الجهل بقيمة العيب غرر وخطر، ووجه قوله في "الموازية" أن الصلح في غالب الأحوال أن يكون على أقل من قيمة العيب بالشيء البين؛ فيصيرا قد خرجا بالصلح من حد المكايسة إلى حد المكارمة؛ لأن ذلك هبة من المشتري ومعروف صنعه، وهبة المجهول عندنا جائزة.
فإن كان الصلح على التأجيل: فأما بالدراهم أو العروض فلا يجوز بحال؛ لأنه فسخ دين في دين، وأما بالدنانير فإن كان مثل قيمة العيب فأقل فذلك جائز، وإن كان أكثر لم يجز؛ لأنه تأخير بزيادة؛ وذلك أن المشتري وجبت له قيمة العيب على البائع فأخره بها بشرط الزيادة؛ وذلك سلف جر نفعا.
فإن باعه بنقد ولم ينتقد فلا يخلو الصلح من أن يكون بعرض أو بدراهم أو بدنانير، فإن كان بعرض جاز نقدًا ومؤجلا، ويكون سلما، ويلزم المشتري النقد كما تقدم؛ لأنه اشترى الموصوف بما في ذمته.
فإن كان بالدراهم فلا يجوز إلا أن يتناقدا على حكم الصرف.
فإن كان بالذهب: فأما على معنى الوضع أن يضع عنه من الثمن الذي عليه فذلك جائز -قل ما حط عنه أو كثر. فإن كان على غير ذلك فلا يجوز إلا أن يحضر المبتاع ما عليه من الثمن ويحضر البائع ما عليه من قيمة العيب فيراطله بها كفة بكفة احترازًا من التفاضل بين الذهبين.
أما الوجه الثاني من الوجه الثاني: وهو أن يكون البيع إلى أجل فلا يخلو من أن يكون الصلح بعرض أو بدراهم أو بدنانير.