تارة، وقد يبيع فيستحق الجعل، وقد لا يبيع فلا يستحق شيئًا؛ إذ لا يستحق الجعل إلا بتمام العمل.
وقولنا:"وأن يكون لا منفعة فيه للجاعل" احترازًا من أن تكون له منفعة فيما عمله؛ ويؤدي ذلك انتفاع الجاعل بعمل المجعول له باطلًا، وهذا على الخلاف في الجعل على حفر بئر فيما يملك من الأرض، هل يجوز أو لا يجوز؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن ذلك لا يجوز إلا فيما يملك من الأرضين، وهو قوله في "الكتاب" وهو ظاهر المذهب.
والثاني: فيما يملكه من الأرضين وفيما لا يملك، وهو قوله في مسألة المغارسة؛ لأنه جواز المغارسة فيما يملك من الأرض مع جواز عجز الغارس مع تمام غرسه؛ فينتفع الجاعل بعمل المجعول له، ثم إن جاعل الجاعل من يتم له في ذلك العمل، وأنه يكون للمجعول الأول بحساب عمله سواء كان ذلك في حفر أو حمل أو نقل مثل أن يجاعله على حفر بئر، فعجز قبل تمامه، ثم جاعل عليه غيره فأتمه، أو جاعله على نقل خشبة من موضع إلى موضع فجاء بها إلى نصف الطريق فرماها ثم جاعل عليها من يوصلها لربها، فقد قال ابن القاسم في "كتاب محمَّد": أنه يكون للأول من الجعل بقدر ما عمل مما انتفع به ربها.
وهذا بخلاف البيع إذا عجز عن بيع ما جوعل عليه من السلع إلا أن يبيعها ربها بسوم الأول أو قريب منه فيما قرب من الزمان كبعد يوم أو يومين.
وكذلك إن جاعله على حمل متاع من بلد إلى بلد على معنى البلاغ، ثم عجز في بعض الطريق، ثم وصله ربه أو استأجر عليه من يوصله؛ فعلى ما ذكرناه في البئر والخشب.