لهما بالعقد؛ لأن الذي يبذله الجاعل من الثمن معلوم، والذي يلزم العامل من العمل معلوم.
ولا خلاف في الجواز في الجعل في قليل السلع، وهل يجوز في كثيرها أم لا؟ على خمسة أقوال:
أحدها: جواز الجعالة في القليل والكثير، وهذا القول قائم من المدونة من مسألة المغارسة وكلب الآبق، وقد جوز أن يعطي الرجل أرضه لمن يغرسها نخلًا أو شجرًا، فإذا بلغت كذا سفعة أو بلغ الشجر [](١) كذا وكذا كانت الأرض بينهما والشجر، وذلك مما تطول فيه خدمة المجعول له، وقد لا يشاركه بعمل آخر، ولا يكاد يتفرغ لاستغراقه فيه، وكذلك في طلب الآبق يطول عليه الطلب، ويعطله ذلك عن جميع الصنع التي منها يحق الكسب على العادة المألوفة.
فإذا كانت العلة في منع الجعل في كثير من السلع كون ذلك يشغله عن معاشه وعن الاحتراف بغير ذلك مما ينال منه عيشه، فذلك موجود في المغارسة، وطلب الآبق أو أشد، وذلك ظاهر لا مراء فيه.
والثاني: أنها جائزة في يسير السلع دون كثيرها، وهو نص المدونة.
والثالث: التفصيل بين البيع والشراء؛ فإن جاعله على البيع جاز في القليل دون الكثير، وإن جاعله على الشراء جاز في القليل والكثير؛ لأنه في البيع قد انتفع الجاعل بعمل المجعول لكون السلع في صيانته، وفي حفظه مدة معلومة، وذلك معدوم في الشراء إذا كان كلما اشترى وداه للمشتري، وهو تأويل بعضهم على "المدونة".
والرابع: التفصيل بين أن يجعل له في ثوب يبيعه جعلًا مسمى فيجوز إذا لم يتول حفظ جميع الثياب، ولا يجعل له جعلًا إلا على بيع جميعها، فإن باع بعضًا ولم يبع بعضًا، فلا يجوز قولًا -حفظها أو كانت عند