وإن لم يكن إلا مجرد دعواه، فالمذهب على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أنه مصدق في الكراء، والضياع، ولا يلزمه من الأجرة إلا ما قال أنه قد انتفع به، وهو قول غيره في "المدونة".
والثاني: أنه لا يصدق لا في الكرى، ولا في الضياع، وهو ضامن لقيمة الشيء المستأجر، وهو قول أشهب عن مالك في "الكتاب" في مسألة الجفنة على رواية الضياع، وهي الرواية المشهورة، وهذا القول نقله ابن سحنون في غير "المدونة".
والرواية الأخرى أنه إذا ادعى الكسر؛ ولذا قال مالك في غير "المدونة"، وأين فلقها.
والثالث: أنه مصدق في الضياع دون الإجارة، وتلزمه جميع الإجارة، وهو قول ابن القاسم في "المدونة".
وسبب الخلاف: اختلافهم في الشيء المستأجر، هل طريقه طريق الرهان، والعواري أو طريقه طريق الودائع والبضائع؛ فمن سلك به مسلك الرهان والعواري قال بتضمينه، ومن سلك به مسلك الودائع والبضائع قال بسقوط الضمان؛ لأن حقه في الانتفاع به، والرقاب في يديه أمانة لا حق له فيها.
ومن فرق بين الإجارة وعين الشيء المستأجر، فقد لاحظ المعنيين وراعى الشقين، وذلك دأب ابن القاسم في أكثر المواضع [والحمد لله وحده](١).