أحدهما: أنه لا يضمن، وهو ظاهر قوله في "كتاب المأذون له في التجارة" إذا أذن لعبده في شيء ثم عمل في غيره أنه يلزمه ذلك؛ لأن أقعده للتجارة ولا يدري الناس لأي أنواع التجارة أقعده، وهي رواية عن مالك في "العتبية" في العبد الخياط أو النجار يستعمل في البناء أو غيره، فهلك فيه أنه لا ضمان على من استعمله إلا أن يدخله في عمل مخوف.
والثاني: أنه ضامن؛ لأنه قد استعمله فيما لم يؤذن له فيه أصلًا؛ فأشبه التعدي المحض كما لو حوله من عمل إلى غيره بغير إذن مولاه.
والجواب عن الوجه الثاني: إذا استعمله فيما يعطب في مثله نادرًا؛ مثل أن يستعمله في نقل الخشب، والحجارة، والخياطة، فوكزته الإبرة أو وقعت عليه الخشبة، أو الحجارة فعطب من ذلك، أو مات بأمر من الله، فإن سلم من ذلك، ومات بسبب سماوي، ففي ضمانه قولان:
أحدهما: أنه ضامن له، وهو قول ابن القاسم في "كتاب الرواحل والدواب".
والثاني: أنه لا ضمان عليه فيه، وهو قول أشهب وابن القاسم في "كتاب الجعل والإجارة" من "المدونة".
فإن هلك من ذلك السبب فقولان أيضًا في "الكتاب":
أحدهما: وجوب الضمان عليه، وهو قول ابن القاسم.
والثاني: أنه لا ضمان عليه، وهو قول أشهب.
والجواب عن الوجه الثالث: إذا استعمله فيما يعطب في مثله غالبًا؛ مثل أن يستعمله في غرر مخوف كالنزول في البئر التي قتلت أهلها حماة، وهدم الجدران أو الحفر بجنبها، أو العمل على الزرانق.