تضمين الحمالين الطعام وحده لكونه محل الجناية غالبًا، فمن ألحقه بالأجراء وقال: وإن كان صاحب الحمام من الصناع المنتصبين والعمال المتصديين فإن الداخل في الحمام إنما اشترى منافع هو يتولى قبضها بنفسه وهو الانتفاع بالحمام وثيابه خارجًا في حكم الوديعة لا صنعة فيها، ولا إجارة عليها، وإن دفع صاحب الثياب أجرة الحارس كانت الأجرة للأمانة، فصار بمنزلة من أودع وديعة، فليس له أخذ الأجرة عليها بالذي يخرجه عن أن يكون أمينًا إلا أن تظهر الجناية فيضمن الأجراء من هذا الوجه.
فإن أتي بحارس هل يضمن الحارس ما تلف منها أم لا؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنه ضامن؛ لأنه أجير مشترك، وهو قول ابن حبيب.
والثاني: أنه لا يضمن، وهو قول ابن القاسم في "المدونة" في أجير الصانع، وهو قوله في "كتاب محمَّد" أيضًا.
فقد اختلف المتأخرون في تأويل قول مالك في "المدونة": "لا ضمان على حارس ثياب من دخل الحمام" هل أراد بذلك صاحب الحمام نفسه؟ وهو ظاهر قول أبي محمَّد في "النوادر" حيث قال بتضمينه على قول مالك في "العتبية" قد قال في كتاب آخر: لا يضمنون.
وقال بعض المتأخرين: ما لوح به أبو محمَّد إنما هو عندي ما وقع في المدونة في الجعل، والإجارة منها من قوله: لا ضمان على حارس ثياب من دخل الحمام، وقال هذا المتأخر: هذا خارج عما نحن فيه، وأشار إلى أن ما في المدونة إنما هو في الأجير على الحفظ قد استؤجر على الحراسة للعرية عن العمل، فصار أجيرًا لصانع، ومنهم من حمل الكلام على ظاهره، وأشار إلى أن ما في "المدونة" إنما هو صاحب الحمام نفسه، والكلام محتمل كما ترى.