الأجرة على ما نقله أبو محمَّد في "النوادر" عن ابن نافع عن مالك إذا اختلفا في المراد، فقال صاحب العرصة: أردت عشرة في عشرة، وقال البناء: خمسًا في خمس تحالفا، فإن نكل أحدهما وحلف الآخر، فالقول قول الحالف فإن حلف فسخ ذلك، ويقلع البناء نقصه إلا أن يريد صاحب العرصة أن يأخذ نقضه مقلوعة، والذي أوجب داره أن التصديق لدلالة وضع اليد على الشيء المدعي فيه له أصل في الشرع، ونظير في السمع كما نقله في تكافؤ الدعاوى وعدم الترجيح، فإذا ثبت ذلك، فتصديق الصناع؛ لأنهم حائزون لما قبضوا فلا يؤخذ منهم إلا بما قالوا. وأما البناء فليس بحائز للعرصة، ولا لما فيها؛ بل الحائز ربها على القول بأن الأملاك تحرز على ملاكها؛ فلهذا لم يصدق البناء.
ومما ينخرط في سلك التداعي في عين المراد مسألة الحجام الواقعة في الباب جرى فيها ابن القاسم وسحنون على المقول الذي فرغنا منه آنفًا؛ فابن القاسم يصدقه في الأجرة، وفي طرح العداء عن نفسه؛ لأنه من البعيد أن يمكنه العليل من قلع ما لا يريد، وسحنون يصدقه في طرح العداء إلا في الأجرة ويتحالفا فيدفع الحجام شبهة العداء، ويدفع العليل بيمينه ما ناف على أجرة المثل حتى لو كانت تسميه مثل إجارة المثل أو أقل لم يكن ليمينه وجه.
وقال في بعض الأشياخ: إنما يتصور الخلاف في هذه المسألة بحصول الأشباه بكون الذاهبة معتلة، والباقية مختلة، فأمَّا إن كان الذاهبة معتلة، والباقية غير مختلة لكان القول قول الحجام لانفراده بالأشباه، والآخر يريد سقوط الأجرة.
ولو كانت الباقية مختلة والذاهبة غير معتلة علم ذلك بالنظر إليها في موضعها إلا أن القول قول العليل، ويحلف حذار الغلط منه في الذاهبة