لا تجوز فيه المساقاة من البقول، فإن الجائحة توضع في قليله وكثيره، وهي رواية سحنون عن ابن القاسم في "العتبية" ومثله في "كتاب ابن المواز".
وسبب الخلاف بين القولين المتقابلين: في وضع جائحة البقول هل يلحق بالأصول الذي هو الثمار أو لا يلحق بها؟
وأما اختلافهم في اعتبار الثلث بعد اتفاقهم على وضعها: التعلق بالعموم في أمره - صلى الله عليه وسلم - بوضع الجوائح، هل يسوغ في كل ما توضع فيه الجائحة في القليل والكثير إلا ما خصصه العرف من الثمار التي جرت العادة بأن يتساقط بعضها ويتعض، وأن عواف الطير تأكل منه في أغلب الأحوال فكأن المشتري دخل على ذلك، فلذلك لا توضع فيه الجائحة حتى يبلغ الثلث، وبقى ما عداها على الأصل مما لم تجر العادة بتساقط بعضها مثل البقول وغيرها، ثم لا يقاس عليها؛ لأنها من أصول المستثناة، ويجوز قياس البقول على الثمار، فيعتبر الثلث في الجميع.
والضرب الثالث: متردد بين البقول والأصول، له شبه في البقول بأن أصله مبيع مع ثمره، وله شبه بالأصول بأن المقصود منه ثمرته كالمقاني والمباطخ والقرع والباذنجان وما أشبه ذلك، فهذه من مسائل الاشتراك المستحيل خلوصها من الرقاع المتعذر سلامتها من النزاع؛ فمن حيث النظر إلى أشبهيته بالبقول تعينت الحطيطة -قلَّ المجاح أو كثر- على أصل من رأى ذلك فيها، وعليه اليسير من الأصحاب، وهو مذهب أشهب في "الموازية" ومن حيث النظر إلى شبهيته للأصول تعلقت الحطيطة بالحمل الفاصل المضبوط، وعليه الجمهور من الأصحاب، فإذا قلنا بهذا افتقر إلى تقويم، ومعنى ذلك أن ننظر إلى المجاح، فإن كان ثلثًا فصاعدًا من الباقي منه على ما عرف وعده منه في القلة والكثرة حط من الثمن قدر قيمته في زمانه من قيمة باقية على رخصه أو غلائه.