أحدهما: وجوب الضمان عليه، وهو قول ابن القاسم في "كتاب الرواحل والدواب".
والثاني: أنه لا ضمان عليه، وهو قول ابن القاسم، وابن وهب في "كتاب الجعل والإجارة" في مسألة استخدام العبد واليتيم.
فإن عطبت بعد أن رجعت إلى المسافة المأذون فيها، فهل يضمن أم لا؟
فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: وجوب الضمان عليه، وهو ظاهر قوله في "كتاب الرواحل والدواب"؛ حيث قال: إذا زاد على المسافة فعطبت: ضمن، فظاهره ألَّا فرق بين أن تعطب في مسافة التعدي، أو بعد أن رجع بها إلى المسافة المأذون فيها، وهو قوله في "كتاب العارية" أيضًا، ورواه ابن القاسم عن مالك أيضًا.
والثاني: أنه لا ضمان عليه، وإنما عليه كراء الزيادة مع كراء الأول، وهو ظاهر قول ابن القاسم في "كتاب الرواحل والدواب" أيضًا؛ حيث قال: ولو ردها بعد زيادة ميل أو أميال، أو بعد أن حبسها اليوم ونحوه: لم يضمن إلا الكراء -يريد: وإن هلكت.
ويحتمل أن يريد بذلك ردها إلى المسافة المأذون فيها.
والتأويل ظاهر -لقوله: أو بعد أن حبسها اليوم ونحوه، إلا أنه يستقرأ من "كتاب العارية" ما هو أظهر من هذا: إذا زاد على الحمولة ما لا يعطب في مثله فالمكري بالخيار بين أن يضمنه قيمته يوم التعدي، أو يأخذ كراء الزيادة.