وذلك ما لا سبيل إليه؛ لأنه إهدار في محل الإحرام والإكرام.
أو يضمن في موضع التلف، وذلك أيضًا إبطال لما أصلناه، وإهدام لما أسسناه من المصير إلى الفسخ مهما كان الفوات بسبب صدر من المكري الحامل؛ لأن مثل ماله مثل كعينه في نظر الشرع ومقتضى السمع، ولهذا لا يفوت في العقود المردودة، فكان الحكم بغرم المثل في موضع التلف داعية إلى الانعقاد في مظنة الانفساخ.
والجواب عن الوجه الثاني: إذا كان التلف بسبب سماوي، أو بسرقة أو يغصب: فهذا لا ينفسخ الكراء بينهما، والكراء للجمال كاملًا، ويأتي المكتري بالحلف إن شاء؛ وإنما قلنا ذلك؛ لأن نفي الفسخ بتلف الحمل هو الأصل، كما أسلفناه، وإنما خرج عنه الفسخ بالإتلاف لما تقدم بيانه.
والجواب عن الوجه الثالث: إذا جهل سبب التلف، فإنه يضمن الطعام في بلد الشرط، ويكون له جميع الكراء، وقد قدمنا ذلك.
وأما أصل الضمان، فقد تكلمنا عليه فيما مضى من "الكتاب"، ويصدق في العروض.
واختلف في الكراء هل ينفسخ بينهما أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه لا ينفسخ، وعليه أن يأتي بالخلف، وهو المشهور.
والثاني: أنه ينفسخ، وله كراء ما استوفى من المسافة؛ كالغار، وبه قال ابن حبيب، والحمد لله وحده.