ولا فرق فيما وصفناه بين الكراء المضمون، والمعين؛ لأن المنافع كالدين على أحد قولي المذهب.
وعلى القول الآخر: يجوز في المعين زيادة المكري بعد أن غاب عن النقد؛ كالبائع المستقيل في السلعة المعينة بزيادة بعد أن غاب على النقد.
وإنما لا تجوز الإقالة إذا انعقدت بمجردها على ما لا يجوز، وذلك في المواضع التي عللنا فيها في الكراء المضمون بفسخ الدين في الدين.
وأما الدور: فهي كالدابة المعينة في جميع ما وصفنا، إلا في زيادة المكري للدابة بعد أن غاب على النقد، وقد سار من الطريق ما يرفع التهمة على أصل من رأى ذلك فيها، بخلاف الدار، فلا تجوز الإقالة فيها بزيادة على وجه إن كان ذلك بعد استيفاء البعض؛ سدًا للذريعة؛ أي: جواز البيع والسلف.
فإن كانت بغير زيادة فقولان: الجواز، والمنع، والقولان لابن القاسم.
فوجه الجواز: قياسًا على السلع المعينة.
ووجه المنع: تشبيهًا بما في الذمة.
وإلى هذا أشار الشيخ أبو إسحاق، وهذا إذا انتقد الكراء.
فإن لم ينتقد: جاز؛ لعدم العلة التي هي البيع والسلف.
وحكم الإقالة في كراء الأرض كحكم الإقالة في كراء الدار، إلا أن تكون غير مصونة.
فإن تقابلا فيها، والزيادة من المكري، والموضع الذي تصح فيه الإقالة على الزيادة منه: لم يجز أن ينتقد الزيادة، وتكون موقوفة عينًا كانت أو عرضًا، إلا أن تكون الأرض مأمونة؛ لأن المكري رجع بإقالة مكتريه.