والجواب عن الوجه الرابع: وهو أن يدعي عليه أنه اكترها منه، وحرثها بعلمه ومعرفته، فإن لم يكن للذي حرثه بينة: فالقول قول أصحاب الأرض، ويحلف على الوجهين جميعًا أنه ما أكرى، ولا علم.
فإن حلف: كان مخيرًا بين أن يأخذ الكراء الذي أقر به، وبين أن يأخذ أرضه، ويأمر الزارع بقلع زرعه إذا لم يكن للزارع في قلعه منفعة.
وأما إذا لم يكن في قلعه منفعة، وكان الحكم يوجب بقاءه لصاحب الأرض: فلا يجوز للمكتري أن يتركه بما أقر به من الكراء، أو بكراء المثل؛ لأن ذلك بيعه من الكراء؛ لأن الشرع أوجبه له.
وإذا كان له في قلعه منفعة، فقد تم بعد الكلام عليه.
وإن نكل عن اليمين: حلف الذي حرث الأرض: لقد أكراها بكذا -قلَّ أو كثر- فيقبل قوله فيما يشبه بالاتفاق، وفيما لا يشبه: على الخلاف الذي قدمناه.
فإن قال رب الأرض: أنا أحلف أني ما علمت بحرثه إياها، ولا أحلف أني ما اكتريتها: لم يمكن ليمينه على هذا معنى إلا أن ينكل الذي حرث الأرض عن اليمين، فيقال لرب الأرض: احلف أنك ما علمت بحرثه إياها، وخذ أرضك، واقلع الزرع إن شئت.
وإن أبى رب الأرض أن يحلف على الوجهين جميعًا، وقال: أحلف ما اكتريت منه، ولا أحلف أني ما علمت بحرثه إياها، هل يمكن من اليمين أم لا؟
فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: أنه لا يمكن من اليمين؛ لأنه إن نكل عن أن يحلف ما