وإن لم يشتركا في الرقاب: فلا تجوز الشركة حتى يكون عملهما في موضع واحد.
وهو قول ابن حبيب في المشتركين في الدابتين، وهو تأويل بعض الأشياخ على المدونة في الاشتراك في الصيد بالبزاة، والكلاب على اختلاف الروايات في "الكتاب" في إثبات الألف وإسقاطه؛ وذلك أنه سئل هل الاشتراك في الصيد بالبزاة والكلاب؟ فقال: لا أرى ذلك، إلا أن تكون البزاة والكلاب بينهما، ويكون الكلبان، والبازان بيعًا وإن طلبهما واحد، وأخذهما واحد، لا يفترقان.
هكذا في أكثر النسخ، وهي الرواية المشهورة أنه لابد من الاشتراك في الرقاب، وأنه لا يجوز الافتراق.
ووقع في بعض الأمهات رواية بزيادة الألف في قوله:"أن يكون الكلبان والبازان يتعاونان"، فاستخرج منها بعض الأشياخ أن الاشتراك إذا حصل بينهما في الرقاب: لم يلزم اجتماعهما، وجاز الافتراق، كما هو منصوص عليه في الدواب في "كتاب ابن حبيب"؛ بناء على أن الجوارح كرؤوس الأموال؛ لأن الجوارح معظم عمل الصيد، إذا اشتركا فيها لم يضرهما الافتراق؛ كما لو اشتركا بالمال، فسافر هذا إلى ناحية، وهذا إلى ناحية.
فأما الضرب الثالث: وهي الشركة بالذمم: فلا تخلو من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يشتركا في شيء بعينه: فهذا جائز، ويتتبع كل واحد من ثمن تلك السلعة بقدر نصيبه.
والثاني: اشتراكهما في معين على أن يتعين كل واحد منهما لصاحبه؛ فإن كانا معتدلين فيها: جازت الشركة والبيع، وإن كانا مختلفين فيها: لم تجز.