وهذان القولان المقيدان آيلان عن العفو عن قليل الفضل دون جمهوره، ولهما وجه في الجملة، وإن لم يشف غليلًا، ولا يبرئ قتيلًا، وهو كيف وصلنا بين الحظير والحقير من الغرر في البيع.
وأما القولان المطلقان فحاصلان، وشاهدهما ومثارهما تردد المزارعة بين أصلين متنافري المعنى؛ أحدهما: الإجارة، والتماثل ليس من خصائصها، فمن محض النظر إلى أحد الأصلين خرج له منه حكمها حتى صمم على الجواز أو على المنع، وهذا محض التحقيق.
فإن وقعت على وجه فاسد على التفاضل على رأي من منعها، أو يكون مخرج البذر غير مخرج الأرض لمن يكون الزرع؟
فالمذهب على ستة أقوال:
أحدها: أن الزرع لصاحب البذر، ويؤدي لأصحابه كراء ما أخرجوه، وهو مذهب ابن غانم.
والثاني: أن الزرع لصاحب العمل، وهي رواية أبي زيد عن ابن القاسم فيما حكاه عنه ابن المواز.
والثالث: أن الزرع لمن اجتمع له شيئان من ثلاثة أصول؛ وهي البذر والأرض، والعمل، فإن كانوا ثلاثة فاجتمع لكل واحد منهم شيئان، أو انفرد كل واحد منهم بشيء منها كان الزرع بينهم أثلاثًا، وإن اجتمع لواحد منهم شيئان منها دون أصحابه: كان له الزرع دونهم، وهو مذهب ابن القاسم، واختيار ابن المواز على ما تأول أبو إسحاق.
والرابع: أنه يكون لمن اجتمع له ثلاثة أشياء على هذا الترتيب؛ وهي: الأرض، والبقر، والعمل.