وأول ما استقضى معاوية رضي الله عنه ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لأبي بكر ولا لعمر، ولا لعثمان قاض، وكان الولاة هم الذين يقضون، وهذا قول مالك في "العتبية"، و"الموازية"، و"الواضحة"، وأنكر قول أهل العراق وأن عمر استقضى شريحًا، وقالوا: كيف يستقضى بالعراق، ولا يستقضى بالشام واليمن وغيرهما, وليس كما قالوا، وروى العلاء بن كثير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نظر إلى شاب قد وفد عليه، فاستحلاه عمر وأعجبه، فإذا هو يسأله القضاء، فقال له عمر: كدت تغرنا بنفسك، إلا أن هذا الأمر لا يقوى عليه من يحبه.
وقال مالك في المجموعة: ومن عيب القضاء أنه إذا عزل أنه لا يرجع إلى المجلس الذي كان يتعلم فيه.
وأما صفة القضاة: فاعلم أنهم قالوا: للقضاة خصال مشترطة في انعقاد الولاية، وخصال مشترطة في استدامتها، وتوجب عزل القاضي عن الولاية إذا أخل بشيء منها، وخصال مستحبة فيها.
فأمَّا الخصال المشترطة في انعقاد الولاية: فإذا عدمت، أو واحدة منها لم تنعقد له الولاية، وهي ستة خصال: أن يكون حرًا، مسلمًا، بالغًا، عاقلًا، واحدًا؛ فإن ولي من لم تجتمع فيه لم تنعقد له الولاية، وإن انخرم شيء منها بعد انعقاد الولاية سقطت الولاية.
وقلنا: أن يكون حرًا احترازًا من العبد، وقد قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: لا خلاف بين المسلمين أنه لا يكون قاضيًا.