ووجه القول الثاني: أن يمين المطلوب لتوقف الحق بيده خاصة لما تعذرت يمين الطالب التي يتعجل بها حقه، فإذا حلف الطالب أخذ حقه بشاهد ويمينه، فإن نكل: حلف المطلوب فبرأ من الاستحقاق وقضى له، وإن لم يحلف: قضى عليه بنكوله؛ لأنه لو كانت يمينه أولًا يمين الاستحقاق: لوجب ألا يبقى بعدها للمدعي يمين، فإذا نكل المطلوب عن اليمن أولًا: غرم الحق وأخذ.
فإذا بلغ الصبي فغلبه اليمين، فإن حلف: قضى له بحقه، وإن نكل عن اليمين: رد الحق إلى المطلوب، ولا يؤخذ عليه باليمين ثانية، رواه ابن حيب عن مطرف، وابن كنانة، وبه قال ابن المواز.
فإذا ثبت ذلك فإن الصغير إذا كبر يحلف مع شاهده على البت، وهل من شرطه أن يقع العلم عنده بصحة ما شهد به الشاهد، فعند ذلك يحلف أم لا؟
فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: أنه يحلف الوارث على ما لم يحضره، ولم يعلم وهو لا يدري هل يشهد بحق أم لا؟ فيحلف مع شاهده على خبره فيصدقه، كما جاز أن يأخذ ما شهد به الشاهدان من مال وغيره وهو لا يعلم صحة ذلك إلا بقولهما، وهو قول مالك في "كتاب ابن سحنون"، وهذا القول يؤخذ من "المدونة" من غير ما موضع؛ منها أيمان القسامة، فإن الأولياء يقسمون على شهادة الشاهد، أو على قول الميت: دمي عند فلان، وهم على أسرتهم نائمون وفي غفلاتهم متقلبون، ولا يتيقنوا بصحة ما يحلفون عليه.
ومنها يمين الصبي إذا ثبت له حق بشاهد واحد قبل أن يولد، فإنه