للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول أشبه في النظر، ولاسيما في وقتنا هذا؛ لأن الغالب على الناس النسيان.

فإذا تحقق أنه خطه، وكان ممن لا يشتبه عليه في الخطوط عليه إلا أن يدخله ريبة، فيتوقف وقد اعترض على قول مالك في "الكتاب" حيث قال: "يؤديها كما علم، ثم لا ينتفع بها"، وذلك تناقض من القول؛ لأنه إذا كان ينتفع بها فما فائدة رفعها إلى الحاكم.

وقد وجه بعض المتأخرين قوله في "المدونة" بأن قال: إنما أمر بأدائها ورفعها إلى الحاكم لاحتمال أن يكون ممن يرى ذلك في مذهبه، ويصوب الحكم به؛ ولأنه مسألة اختلف فيها.

وهذا التوجيه يرد ظاهر "الكتاب"؛ لأنه قال: "ثم لا ينتفع بها الطالب"، وهذا مثل ما قاله في "كتاب الصيام" من "المدونة" في الذي يرى هلال رمضان وحده: فإنه يرفع شهادته إلى القاضي، ثم لا يلزم الناس الصيام بشهادته.

وأما من دعى إلى شهادة، فقال عند القاضي: لا أذكرها: فلا يخلو من أن يقول: أخروني حتى أنظر، وأتفكر أو قال: ما عندي علم.

فإن قال: أخروني لأتذكر وأنظر، ثم جاء بعد ذلك فشهد: جازت شهادته إن كان مبرزًا، أو كان ذلك بالقرب.

فإن قال: ما عندي علم، ثم رجع فأخبر بعلمه: فقد اختلف فيه عن مالك؛ إذا كان مبرزًا فمرة جوزها إذا كان بالقرب، ومرة منعها.

وإن كان غير مبرز: رجعت قولًا واحدًا.

ووجه القول في إجازتها: أن قوله: ما عنده علم في ذلك الوقت لا ينفي أن يكون علم ذلك قبله، فإن تذكر بعد ذلك ما تقدم علمه به:

<<  <  ج: ص:  >  >>