للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":

أحدهما: أنه يصدق ويقبل قوله، وإن لم يكن مبرزًا، وهو ظاهر قوله في "كتاب الأقضية" من "المدونة".

والثاني: أنه لا يصدق، ولا يقبل قوله: أنه شُبِّه عليه إلا أن يكون مبرزًا، وهو ظاهر قوله في "كتاب القطع في السرقة" من "المدونة"، وبه قال مطرف وابن الماجشون فيما حكاه ابن حبيب، وهو مذهب.

فأما الوجه الثاني: إذا رجع الشاهد عن شهادته بعد الحكم بها: فلا يخلو من أن يكون قد شبه عليه أم لا.

فإن شبه عليه: فإن الحكم لا يرد، واختلف هل يضمن أم لا؟ وهل ترد شهادته في المستقبل أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أنه يضمن ما أتلف بشهادته، وإن شهادته في المستقبل لا تجوز، وهو قول مالك في "كتاب القطع في السرقة" في الغرم، وهو ظاهر قوله في "كتاب الأقضية" في قبول الشهادة، حيث قال: إذا طب الإقالة بعد الحكم بشهادته، ولا يقبله، إلا أنه كان يقول: لا تجوز شهادته فيما يستقبل، وهذا تأويل بعض المتأخرين على "المدونة"، وعلى "العتبية"؛ لأنه قال فيها أيضًا: وإن رجع بعد الحكم فلا يقبل منه، فقيل: إنه لا يقبل منه في إسقاط الغرم عنه؛ بل يغرم وإن شبه عليه كما قال في "كتاب السرقة".

وقيل: معناه أن شهادته لا تقبل فيما يستقبل وإن شبه عليه، وقيل: غير ذلك.

وهذا كله حكاه القاضي أبو الوليد بن رشد في "البيان والتحصيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>