فالمأمون هل يوقف أبدًا حتى يأتي أحدهما بأثبت مما أتى به أولًا أو يقسم بعد الطول؟ ففي "المدونة" قولان:
أحدهما: أنه لا يقسم أبدًا، وهو قوله في "الكتاب": يبقى كغيره من عفو بلاد المسلمين.
والثاني: أنه يقسم بينهما بعد الطول، وهو قوله في "الكتاب" أيضًا.
فإن كان غير مأمون كالحيوان والعروض: فلا يخلو من أن يكون مما يخشى عليه في الحال كرطب الفواكه: قسم بينهما في الحال من غير استثناء.
واختلف في شاهد ويمين، وشاهد وامرأتين، هل يعارض بها شهادة الشاهدين أم لا؟ على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: إذا تساوى الشاهدان في العدالة: حلف صاحب الشاهد وكافأ شاهده ويمينه شاهدي الآخر، وكذلك شاهد وامرأتان يكافئا شاهدين إذا استووا في العدالة، وهو قول ابن القاسم.
والثاني: أن الشاهد واليمين، ورجلًا وامرأتين لا يعارض به شهادة الشاهدين، وهو قول أشهب.
وسبب الخلاف: هل ذلك من باب الترجيح أو ذلك من باب التجريح؟
وأشهب جعله من باب التجريح، والتجريح لا يقع بشاهد ويمين، ولا بشاهد وامرأتين؛ إذ لا مداخل لشهادتين في ذلك باتفاق المذهب في ذلك، وابن القاسم يجعله من باب الترجيح، وهو أقرب إلى النظر، [والحمد لله وحده](١).