والثاني: أن قوله في ذلك مقبول، وأنه لا يلزمه ما دعاه إليه أصحابه، وأن له نقض القسمة، إلا أن يؤدوا الدين على ألا يتبعوه في نصيبه بشيء، فإن ذلك لهم، وهو ظاهر قوله في "المدونة"؛ لأن الشاهد الآبي بين إحدى حالتين؛ إما أن يتهم على نقض القسمة لغرض له في نقضها، فذلك يسقط شهادته من أصلها، وإما ألا يتهم: فلا يلزمه ما فعل أصحابه إلا أن يؤدوا عنه الدين كما قدمناه.
وعلى القول بأن القسمة تنتقض بينهم إلا أن يشاء الورثة أن يخرجوا الدين من عندهم، فإذا أبوا من إخراجه، وانتقضت القسمة، فإن ما بقى من التركة بعد قضاء الدين يكون بين جميع الورثة؛ من فات بيده منهم بآفة سماوية أو بعضه، ومن بقى جميع سهمه، فإنهم يقتسمون ذلك على فرائضهم، ويحطونه كأنه جميع التركة، وهو أحد قولي ابن القاسم في "المدونة" في "كتاب القسمة".
والقول الرابع من الأقوال: أن القسمة إنما تنتقض بين من بقى حظه بيده، أو شيء منه، أو استهلكه.
وأما من تلف جميع حظه بأمر من السماء: فلا يرجع عليه بشيء من الدين، ولا يرجع هو مع سائر الورثة فيما بقى من التركة بعد تأدية الدين؛ فلا له ولا عليه، وهذا القول لابن القاسم في "كتاب القسمة" أيضًا.
وأما من تلف حظه: فإن الدين جميعه يؤخذ، فمن بقى سهمه بيده، فإذا أخرج الدين نظر إلى الباقي بعد خروجه، فيضم إلى قيمة ما أتلف هؤلاء، فيكون هو جميع التركة، فيرجع الذي أدى الدين عليهم بقدر ما ينوب كل واحد منهم، فهذا قوله في "الكتاب"، فتأمل هذا الكلام، فإن ظاهره يؤذن بالاضطراب أيضًا، وقوله: كأنه جميع التركة يؤذن بأن