فإذا قلنا: إنهم يتحاصون جميعًا في الربح والفائدة؛ فإن الغرماء الآخرين يضربون فيه بجميع ما عليهم من الدين والأولون يضربون فيه بقدر ما بقى لهم بعد الذي تركوا في أيديهم من المحاصة أولًا إن بقى ذلك في أيديهم إلى يوم المحاصة الثانية، فإن هلك قبل ذلك فإنهم يتحاصون بجميع دينهم -ما بقى لهم وما ردوه إلى يد الغريم- وهذا نص قوله في "المدونة".
وقد يعترض على هذا الكلام بأن يقال: لا يخلو المال الذي ردوه إلى يد الغريم من أن يكون على ملك الغرماء الذين أخذوه بالمحاصة، أو على ملك الغريم الذي ردوه إليه.
فإن كان على ملك الغرماء، فكيف يكون ضمانه من الغريم إن هلك بأمر سماوي؟ أو كيف يشتركون مع الآخرين في ربحه؟
فإن كان على ملك الغريم، فكيف يختص من كان رده إلى يد الغريم دون من شاركه في أصل ذلك الدين، وإن كان هو قد استوفى ما ينوبه في المحاصة أولًا، وليس بذلك ببدع، وقد قال في "كتاب العتق" في العبد بين الرجلين إذا انتزعا ماله ثم رد أحدهما نصيبه إلى يد العبد: أن المال مال العبد، لا الذي رده، وأنه إن بيع بماله: كان الثمن بينهما على قدر سهامهما في العبد، ولا يختص الذي رد المال إلى يد العبد بما زاد الثمن لأجل المال، والاعتراض ظاهر.
فأمَّا إذا كان المال الذي بيده من معاملة أحدثها مع قوم آخرين، هل يختص بذلك الآخرون؟
أما في الفلس: فلا خلاف في المذهب أن الآخرين أولى بذلك من الأولين؛ لأن ذلك من غير أموالهم، أو ما تولد منها؛ لأن معاملة