للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الأخبار: فمنها ما خرَّجه مالك من مرسل ابن شهاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل باع متاعًا، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه شيئًا فوجده بعينه، فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه، فصاحب المتاع أسوة الغرماء" (١).

ويعارضه ما رواه ابن أبي ذئب عن أبي هريرة قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما رجل مات أو فلس، فصاحب المتاع أحق به (٢).

فسوَّى في هذه الرواية بين الموت والفلس.

وأما الاعتبار: فإن مالكًا فرق بين الموت والفلس بناء على أن ذمة الغريم في الفلس قائمة؛ فيتبعه غرماؤه بما بقى عليه، وذلك لا يتصور في الموت، وهذا قياس معنى.

وأما الشافعي: فإنه قال: هذا مال لا يتصرف فيه لمالكه إلا بعد أداء ما عليه، فأشبه مال المفلس، وهذا قياس.

وقياس مالك أولى من قياس الشافعي، ويرجح حديثه على حديث [ابن أبي ذئب] (٣) من جهة موافقة القياس له؛ وذلك أن ما وافق من الأحاديث المتعارضة قياس المعنى، فهو أقوى مما وافقه قياس الشبه.

ومن مثل ما خرَّج مالك خرَّجه عبد الرزاق.

فإذا قلنا: إنه في الفلس أولى بسلعته، فإن أراد الغرماء أن يفتكوها


(١) أخرجه مالك (١٣٥٧)، وأبو داود (٣٥٢٠)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
(٢) أخرجه ابن ماجة (٢٣٦٠)، والحاكم (٢٣١٤)، والدارقطني (٣/ ٢٩)، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
(٣) في أ: ذؤيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>