والثاني: أنه يستحب ما لله فيه قربة أن يقضي دون ما بينه وبين العباد، وعليه تأول ما في المدونة، وهو قول أشهب في سماعه، ويلزم ما أفسد أو كسر مما لم يؤتمن عليه في حاله.
واختلف فيما أفسد أو كسر مما ائتمن عليه على قولين:
أحدهما: أنه لا يلزمه، وهو مذهب "المدونة" وعليه الجمهور.
والثاني: أنه يلزمه، وهو قول ابن كنانة.
ومنها حال البكر ذات الأب أو الوصي ما لم تتعنس على مذهب من يعتبر تعنيسها، أو ما لم تتزوج، ويدخل بها زوجة على مذهب من لا يعتبر تعنيسها.
ومنها حالة من ثبتت عليه ولاية من قبل الأب، أو سلطان حتى يطلق منها على قول مالك وجميع أصحابه إلا ابن القاسم قال: إن بيعه وشراءه جائز إذا كان سدادًا.
والجواب عن الحال الثاني: التي يحكم له فيها بحكم الرشد، وإن علم سفهه:
فمنها حال السفيه إذا كان لم تثبت عليه ولاية من قبل أب أو سلطان على اختلاف بين أصحاب مالك في ذلك، وقد اختلفوا فيه على أربعة أقوال:
أحدها: أن بيعه وشراءه وقضاءه جائز حتى يولي عليه، وسواء خرج من الولاية بالبلوغ وإيناس الرشد منه، أو لم يخرج منها من يوم بلغ إلى وقته، وبه قال ابن كنانة، وابن نافع، وأكثر أصحاب مالك.
والثاني: أن بيعه وشراءه وقضاءه في ماله لا يجوز جملة بلا تفصيل؛ لأنه لم يزل في ولاية السلطان مذ كان، والسلطان وليّ من لا وليّ له،