القول بجواز ذلك، هل من شرطه أن يثبت السيد عتق المكاتب المحيل في الحال، أم الحكم يوجب ذلك.
فإنه يتخرج على قولين قائمين من المدونة:
أحدهما: أن من شرط جوازها أن يثبت السيد عتق مكاتبه في الحال، وهو قول مالك في "المدونة" في "كتاب الحوالة".
والثاني: أن الحوالة جائزة، والحكم يوجب ثبات عتق المكاتب، والتزامه بنفس تمام عقد الحوالة من غير تجديد عتق، كما لو أدَّى المكاتب كتابته، أو أعطى عوضًا لم يحتج إلى تجديد عتق؛ بل بنفس [قول](١) سيده العوض وديعه للكتابة، هو العتق، فكان يجب على هذا إذا رضي السيد بالحوالة على مكاتب مكاتبه أن يكون حُرًا بنفس الحوالة؛ لأن الأصول موضوعه على أن اسم الحوالة براءة لذمة المحيل.
فلم يبق لقوه في الكتاب إلا أن يكون السيد قد أثبت عتقه معنى، ولا فائدة، وهو ظاهر قول الغير في كتاب الحوالة.
وأما إن أحاله على ما هو دَيْن ثابت، فلا تخلو الكتابة من أن تكون حَالَّة أو غير حَالَّة.
فإن حَلَّت الكتابة، فالحوالة جائزة إذا كان دين المحال عليه على صفة دين المحال به، ويعتق المكاتب مكانه.
فإن لم تحل الكتابة، فهل تجوز الحوالة بها أم لا؟ فالمذهب على قولين منصوصين في الكتاب:
أحدهما: أن الحوالة لا تجوز؛ لأنها ذمة بذمة وربًا بين السيد ومكاتبه، وهو قول ابن القاسم في الكتاب.