للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحال الرابع: إذا كان معروفًا بذلك مشتهر به حلف، وضرب، وهُدِّد وسُجن، فإن تمادى على الجحود ترك، وإن اعترف بعد التهديد، هل يؤخذ بإقراره أم لا؟ على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه لا يؤخذ بإقراره سواء عَيَّنَ الشيء المدعى فيه أو لم يعينه؛ لأنه مكروه، وهو قول ابن القاسم في "المدونة" في "كتاب القطع في السرقة".

والثاني: إن عَيَّنَ الشيء أخذ بإقراره، وإن لم يعينه لم يؤخذ به، ومعنى تعينه أن يدعي عليه أنه غصبه ثوبًا مثلًا، فأخرج ذلك الثوب [بعينه] (١) بعد الضرب، والتهديد.

والثالث: أنه يؤخذ بإقراره على كل حال جملة من غير تفصيل بين أن يُعَيِّن أو لم يُعَيِّن، وهو قول سحنون قال: ولا يعرف ذلك إلا من ابتلى به يريد القضاة، ومن شابههم.

قال: لأن ذلك الإكراه كان بوجه جائز، وإذا كان من الحق عقوبته [ضربه] (٢) وسجنه لما عرف من حاله لم لا يأخذه بإقراره أو لا فائدة للتضييق عليه إلا لذلك.

قال: وإنما الإكراه الذي لا يؤخذ به ما كان ظلمًا أن يهدد، ويضرب من لا يجوز فعل ذلك به.

وقد أجمع المسلمون على أن من أسلم بعد القتال، والسيف أنه مسلم كالطائع بغير إكراه؛ لأنه إكراه بحق، ولو أكره ذمي على الإسلام لم يكن إسلامه إسلامًا إن رجع عنه، وادعى أنه إكراه؛ لأن الذّمة التي عقدت لهم تمنع من إكراههم على ذلك.


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>