للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن بلغ للزرع مبلغًا لا يقع به الانتفاع في حين الاستحقاق: فإن الزرع لصاحب الأرض بلا قيمة؛ كما لو كان الاستحقاق قبل البروز، إلا أن يشاء أن يكلف الزارع [قلعه] (١): فإن ذلك له.

وأما إذا وقع الاستحقاق بعد خروج الإبان، هل يكون الزرع للغاصب، أو للمغصوب منه؟

فالمذهب على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن الزرع للغاصب، وعليه كراء الأرض، وهو قول مالك في المدونة.

والثاني: أن الزرع للمغصوب منه الأرض، وإن خرج الإبان وطاب الزرع أو حصد، وهذا القول مروي عن مالك أيضًا.

والثالث: أن الزرع للغاصب، وللمستحق أن يقلعه، ويأخذ أرضه، وهي رواية ذكرها أبو محمَّد عبد الوهاب القاضي في المذهب، والرواية الثانية حكاها الشيخ أبو الحسن اللخمي.

فوجه القول الأول: أن المستحق إذا استحق أرضه، وقد فات إبان الزرع: لا حق له في الزرع، وإنما حقه في كراء أرضه الذي انتفع به الغاصب لا أكثر، فإذا أخذه لم يظلم.

ووجه القول الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لعرق ظالم حق" (٢).

ووجه القول الثالث: ما رواه الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من زرع أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته" (٣)، ولم


(١) في أ: قطعه.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه أبو داود (٣٤٠٣)، والترمذي (١٣٦٦)، وابن ماجة (٢٤٦٦)، وأحمد (١٧٣٠٨) من حديث رافع بن خديج، وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>