للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الوجه الثاني: إذا لم يقض السلطان عليه بذلك، ولا رفعت [المرأة] (١) أمرها إليه، فلا يخلو المودع من أن تقومَ له بيِّنةٌ على ذلك أو لم تقُم، فإن قامت له على ذلك بينة فالقول قولُ المودع المنفق، إذا كان ذلك يشبه نفقتهم، وكان المودع لم يبعث إليهم بالنفقة، ولا تركها لهم ببيّنة.

فإن لم تقم له بينةٌ على الإنفاق، فلا يخلو من يُصدقه أهلهُ على ذلك أو كذّبوه، واعترف المودِع أنه لم يبعث إليهم بالنفقة، ولا تركها عندهم، فهل يبرأ المودع بإقرارهم أو لابد من قيام البينة أم لا؟ فالمذهب على قولين قائمين من المُدونة:

أحدهما: أنه [لا يبرأ] (٢) إلا بقيام البينة على النفقة، ولا ينفعه إقرار أهله وولدِه، وهو قول ابن القاسم في "الكتاب".

والثاني: أنه يبرأ بتصديقهم إذا أقَرّ المودع أنه لم يبعث إليهم بالنفقة، ولا خلّفها عندهم، وهو قول الغير في بعض نُسخ "المدونة" في "كتاب الوديعة"، وهو الأظهر في النظر؛ لأنها لو قالت: من عندي كنتُ أُنفق لقُبلَ قولها، وكان له الرجوع على الزوج، ولا فرق بين قولها: مِن عندي أُنفق ولا من غيرها، هذا الذي عنده في الوديعة.

وإن ادعى المُودع أنه كان يبعث إليهم بالنفقة، وأنها وصلت إليهم، فإنه يحلفُ على ذلك، وعلى وصولها إليهم، ثم يضمن المودع.

وهل له الرجوع على أهل المودع أم لا؟

فلا يخلو من أن يدّعي على المودع أنه أمرهُ بالدفع إليهم، أو قال له: لم تبعث إليهم بشيء، كان له الرجوع على الزوجة، وعلى ما يلي نفسه


(١) سقط من أ.
(٢) في أ: لا يبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>