للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: التفصيل بين اليسير والكثير، فالكثير لا يأكلُهُ، [واليسير] (١) يجوزُ له أن يأكله، وهو قول ابن وهب في "النوادر".

أيضًا، وكُلُّهم مُتفقون على أنّهُ ضامِنٌ لها إن أكلها بعد السنة أو تصدّق بها، إلا "أهلُ الظاهر"، فإنه قالوا: لا ضمان عليه.

وسبب الخلاف: تعارُض أحاديث اللُّقطة لأصل الشرع، فمن ذلك حديث يزيد بن خالد الجهني -وهو حديث متفق على صحته- قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله فسألهُ عن اللُّقطة فقال له: "اعرف عفاصها، ووكاءَهَا ثُمَّ عرّفها سنة، فإن جاء وإلا فشأنك بها" (٢)، وبهذا الحديث استدلّ من يقول بجواز أكلها بعد العام مع الضمان.

ومنها ما خرّجهُ البخاري، والترمذي عن سُويد بن غفلة، قال: لقيتُ أُبيّ بن كعب فقال: وجدتُ صُرّةٌ فيها مائة دينار، فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "عَرِّفها حوْلًا" فَعرّفها فلم أجد، فأتيته ثلاثًا، فقال: "احفظ عفاصها، ووكاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها" (٣)، وزاد الترمذي وأبو داود: "فاستنفقها" (٤)، وبهذا يستدلُّ أهلُ الظاهر.

ومقتضى دليل الشرع أنه لا يحلُّ مال امرئٍ مُسلم إلا عن طيب نفسٍ منه.

فمن غلّب أصل الشرع علي ظاهر الحديث قال: لا يجوز لهُ فيها التصرفُ إلا بالصدقة، على أن يخير صاحبها إذا قدَم.


(١) في أ: والقليل.
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٤٣)، ومسلم (١٧٢٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٩٥).
(٤) أخرجه أبو داود (١٧٠٤)، (١٧٠٦)، (١٧٠٧)، والترمذي (١٣٧٢)، (١٣٧٣)، وابن ماجة (٢٥٠٤)، وأحمد (١٧٠٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>