للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: بالتفصيل بين ما كان في مروجه وحماه وبين غيره: فما في حماه مما بوره للكلأ، فله بيعه ومنع الناس منه، وما لم يحظر عليه ولا حماه من جميع أراضيه، فليس له بيعه، والناس أسوة في فضله، وهو قول ابن القاسم، وعبد الملك، ومطرف.

والرابع: التفصيل بين أن يحتاج إليه أو لا.

فإن احتاج إليه، فله بيعه إذا بلغ أن يرعى، وإن استغنى عنه، فلا يجوز له بيعه، وليخل بين الناس وبينه، وهو قول مالك في كتاب "حريم البئر" من المدونة.

وسبب الخلاف: اختلافهم في تأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنع فضل [الماء] " يريد به الكلأ، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنع] (١) الكلأ والناس فيه شركاء"، هل هو عموم أريد به العموم أو عموم أريد به الخصوص، فمن حمله على ظاهره، وأنه عموم أريد به العموم، قال بقول أشهب. ومن حمله على [أنه] (٢) عموم أريد به الخصوص، قال بقول عبد الملك، وهو أصل قول مالك؛ لأنه قال في الكتاب: "لا أحسبه إلا في الصحاري وأما في القرى التي ملكها أهلها، فله أن يمنع الكلأ"، واعتبار الحاجة والحمى ضرب من الاستحسان.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ" (٣) فللعلماء فيه تأويلان:

أحدهما: أنه إذا منع أرباب المواشي من ورود بئر ماء منعوا أن يأتوا، فيرعوا ما بقربه من الكلأ، فيصير منع الماء سببًا لمنع رعي الحشيش.


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من ب.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>