فإن تعذّر ذلك الوجه لخلاء البلد، أو لفساد موضع القنطرة، حتى يُعلم أنهُ لا يُمكن أن تُبنى، ولا يُرجى لتلك البلدة عِمارة، فإنهُ يُوقَّف إلى أن ييأس مِن عودة عمارتها، فيصرف إلى مثله.
وأمَّا الوجه الرابع: إذا جعلهُ في وجهٍ محصور غيرُ معين، كقوله: على بني زيد، أو على بني عمر، أو على فلان وولده، أو على عقبه، أو على مَن يطلُبُ العلمَ بمدينة كذا، هل يعودُ ميراثًا أم لا؟ قولان:
أحدهما: أنهُ حبسٌ مؤبدٌ لا يعودُ مِلكًا أبدًا، ويَرجِع بعد انقراض الوجه الذي جعلهُ فيه إلى أقرب الناس بالمَحبِس يوم المرجع حبسًا عليه، وهو قولهُ في "المدونة".
والثاني: أنه يعود مِلكًا بعد انقراض الوجه الذي جعلهُ فيه، وهذا القول نقلَهُ اللخمي عن ابن الجلاب (١).
وسبب الخلاف: هل النظر إلى اللفظ أم إلى المقصد؟
وأمّا الوجه الخامس: إذا جعلَهُ لغير مُعين غير محصور، كقوله: على بني تميم، أو على المساكين، أو في إصلاح المساجد، أو لطُلَّاب العِلم، فلا خلاف أنَّهُ حبسٌ مُؤبدٌ كالمُبهم.
وأمّا الوجهُ السادس: إذا جعلهُ حبسًا على معدومٍ بعد موجودٍ غير محصور، كقوله: على أولادي، وبعد انقراضهم يكونُ للمساكين، فماتَ ولم يترك ولدًا، أو آيس له من ولد، ففي ذلك قولان:
أحدهما: أنهُ يرجعُ ملكًا، وهو قول ابن القاسم في "كتاب الوصايا" التالي من "المُدونة" حيث قال: "إذا أوصى لولد فُلان، ولا ولدَ له يومئذٍ، والمُوصِي عالم، فإن مات فُلان قبل أن يُولدَ لهُ، فالوصية باطلة