أحدهما: أنه لا يصدق، وهو قول ابن القاسم؛ لأنه شاهد لنفسه، ولمن لا تجوز له شهادته.
والثاني: أنه يصدق، وهو قول أشهب؛ لأن الميت أمر بتصديقه، وليس مثل الذي شهد لابنه.
والجواب عن السؤال الثالث: إذا قال: فلان يجعل ثلثي حيث أراه الله أو حيث شاء، فإنه يصرفها في سُبُل الخير، ووجوه البِّر، ولا ينبغي له أن يأخذ منها لنفسه، ولا لابنه شيئًا، فإن فعل وكان ذلك موضعًا لها لاستحقاقهم لها، وأعطاهم كما يعطي غيرهم جاز، فإن لم يستحقوا أخذ الصدقة، فإن ذلك مردود؛ لأنه فوض إليه ليجتهد فلم يجتهد، وهو قول أشهب في "المجموعة" و"الموازية".
وكذلك لو أعطى منها [أقارب](١) الميت، فلم يعطهم إلا كما يعطي غيرهم من الناس، وهي رواية علي عن مالك في "كتاب ابن عبدوس".
وإن أعطاهم ولم تكن بهم حاجة، ولم يجز الورثة ما فعل، فإن ذلك مردود، ويعود ميراثًا إلا أن يجعلها في سبيل الخير؛ لأن الميت إنما قصد وجه الصدقة، وهو قول ابن القاسم.
ولو أوصى إليه أن يجعل ثلثه في أفضل ما يراه، وأقربه إلى الله سبحانه، هل يعتق به رقابًا أو يتصدق؟ فأيهما أفضل؟
فقال مالك: الصدقة أفضل من العتق، وقال أصبغ: العتق أحب إلىّ.