فإذا ثبت ذلك، فإن أوصى إلى غيره وصية أن يفرق ثلثه في وجوهها، فلم يجز وصيه له ذلك، فذلك للوصي ألا يلي غيره تفرقة ثلثه؛ لأن ذلك من حقه، وهو من باب التصرف في مال الصغير بغير إذن وَلِيه.
واتفق المذهب -فيما علمت- أن تدبير الصبي لعبده لا يجوز، وإن حمله الثلث بخلاف الوصية.
فإن كان التدبير قربة تخرج من الثلث بعد الموت كالوصية، إلا أن جواز وصيته على خلاف الأصل، وإنما اتبع فيها أثر عمر - رضي الله عنه - عنه وبقي ما عداها على الأصل.
وأما المحجور عليه لعارض السَّفَه، وعدم التمييز بين مصلحة المال، ومفسدته، فوصيته جائزة قولًا واحدًا في المذهب، وفي تدبيره لعبده أربعة أقوال:
أحدها: أنها جائزة في الصحة، والمرض كالوصية، وهو قول ابن كنانة في "المجموعة"؛ لأن الوصية والتدبير لا يقعان عليه إلا بعد الموت؛ لأنه إنما يمنع في حياته من التصرف في ماله إلى رشد، فإذا جاء الموت لم يمنع من خير يفعله في ثلثه، ولو منع لكان توفيرًا على [الورثة](١) وهو أحق من الوارث بالثلث.
والثاني: أنه لا يجوز تدبيره أصلًا، ويبطل، وإن بقى العبد بيده حتى يلي أمر نفسه لم يلزمه، وهو قول أشهب في "المجموعة"، و"الموازية".
والثالث: أنه يجوز في المرض، فإذا صح من مرضه بطل، وهو قول ابن القاسم في "الموازية".