وإن كان المتأخرون قد اختلفوا في تأويل قوله في بعض الروايات، ونص قوله: إذا كانت الوصية بعد الضرب عمدًا كان أو خطأ جاز له كل ما أوصى له به في المال والدية جميعًا إذا علم منه ذلك في الخطأ، وهي كلمة فيها إشكال.
وقال بعض المتأخرين: بيان ذلك أن قوله: "جاز له كل ما أوصى له به في المال" تمام الكلام وعائد كله على العمد والخطأ، ثم استأنف الكلام في مسألة الخطأ خاصة، فقال:"وفي الدِّية جميعًا إذا علم بذلك في الخطأ"، وخص ذكر الدِّية في الخطأ فقط، وعلى هذا المعنى فسرها سحنون، واختصرها عليه ابن أبي زمنين، واختصرها بعض المختصرين على خلاف هذا، وهو خطأ.
وقال الشيخ أبو عمران الفاسي: لا يحمل كلامه أنه أراد دخوله في ديته في العمد، وإنما يعني ذلك الخطأ خاصة.
وقوله هنا إذا علم تصحيح تأويل من ادعى العلم على مذهب الكتاب.
وأما الوجه الثاني: إذا قتله بعد الوصية، فلا يخلو من وجهين:
أحدهما: أن يموت بفور ما ضربه.
والثاني: أن يعيش بعد ذلك أيامًا.
فإن مات بفور ما ضربه، فإن كان القتل عمدًا، فالوصية باطلة، ولا تكون لا في المال، ولا في الدية؛ لأنه قد استعجل ما أجله الله تعالى، ولا خلاف في هذا الوجه.
فإن كان القتل خطأ، فالوصية ثابتة في المال قولًا واحدًا، وهل تدخل في الدية أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنها لا تدخل في الدية أصلًا، وهو نص المدونة، وهو