الوصية، فإن الوصية جائزة له، وتدخل في الدِّية إن كان خطأ، وهو تأويل بعض الصقليين على المدونة.
والثالث: التفصيل بين أن تكون الوصية بلفظ أو كتاب؛ فإن كانت بلفظ فهي باطلة حتى يجددها، وإن كانت بكتابة فهي نافذة حتى يغيرها أو يرجع فيها.
وسبب الخلاف: الاستدامة هل هي كالإنشاء أم لا؟
فمن رأى أن استدامة الشيء كإنشائه قال: الوصية نافذة حتى ينص على الرجوع فيها؛ لأن سكوته عن تغييرها كالمجيز لها.
ومن رأى أن الاستدامة ليست كالإنشاء قال ببطلان الوصية؛ لأن الموصى له قد أحدث ما يبطل وصيته، وهي في الجناية الصادرة منه على معنى العمد، فيعمل بمقتضى الجناية حتى يجددها الموصى مرة أخرى.
فإن كان قتله خطأ، فالوصية تدخل في المال قولًا واحدًا.
وهل تدخل في الدِّية أم لا؟
فإنه يتخرج على قولين قائمين من "المدونة" منصوصين في المذهب:
أحدهما: أن الوصية تدخل في المال، والدِّية؛ لأنه مال علم به، وهو قول مالك في "كتاب الديات" من "المدونة".
والثاني: أنها لا تدخل في الدية أصلًا، وهو قول مالك في "كتاب ابن المواز"، وهو أضعف الأقوال؛ ووجهه عندهم أن الموصى له هو الغارم مع العاقلة، فمتى دخلت فيها وصيته، فكأن بعض الدِّية قد بطل، وهذا الكلام ضعيف؛ لجواز وصية المقتول للقاتل بديته.