للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينادي على المعول على مجرد النقل بالويل والثبور، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.

وأما الطائفة المفرطة: فقد راغموا الدليل، وسدوا باب التأويل، واتبعوا ظواهر الكتاب، واقتنعوا بالقشور عن اللباب، وركنوا إلى الدعة والراحة، ولم يتعبوا الذهن والقريحة، وهم ظاهرية المذهب.

وهذه الطائفة أبخس من الأولى، وأقل منها توفيقًا وأكثرها ماءً، وأقل دقيقًا؛ لأنهم خلطوا المذهب، وأفسدوا أذهان المتعلمين، وجمعوا بين مفترق وفرقوا بين [مجتمعين] (١) تحكما بغير بيان، وتعسفًا عريًا عن البرهان، وتخرصًا على صاحب الكتاب بأن ذلك مرامه بالخطاب، فباؤوا بإثم عظيم، واستحقوا بذلك العذاب الأليم، إلا أن يعفو الجواد الكريم، وأما الطائفة المتوسطة المعتدلة: فهي الطائفة الموفقة إلى ما ضلت عنه الطائفتان، [وعميت] (٢) عنه بصائر الفريقين، وهي أقوم قيلًا، وأهدى إلى الحق سبيلًا وأهلها على ما كان عليه قدماء الأصحاب من مغاربة المذهب، [فبصاعهم] (٣) كالوا، وعلى [منوالهم] (٤) نسجوا في استعمال ظواهر الكتاب وبواطنه، واستنباط الفوائد الكامنة في فرائد ألفاظه واستنزال الدر النفيس من أهدابه، واستنزال المعنى الرائق من مخزن أوعاره، وهذه الطائفة في المغرب الأقصى أقل وجودًا في هذا الزمان [من الغراب] (٥) الأعصم.


(١) في ب: مجتمع.
(٢) في ب: وعمت.
(٣) في ب: فبضاعتهم.
(٤) في ب: منادلهم.
(٥) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>