ونص قول سحنون؛ قياسًا على المتحاجرين بالسكنى في الدار الواحدة.
والثاني: أنه لا يقطع، وإن خرج به من جميع الدار، وهو قول مالك في الضيف يسرق، وهو نص قوله في "كتاب ابن المواز".
والثالث: أنه لا يقطع حتى يخرج به من جميع الدار، وهو الذي حكاه أبو محمَّد عبد الحق أنه لمالك في كتاب ابن المواز"، وهو ظاهر "المدونة" أيضًا؛ لأن بقية الدار من تمام الحرز.
وأما الدار التي أذن فيها ساكنها أو مالكها إذنًا عامًا للناس كالعالم أو الطبيب يأذن للناس في دخولهم إليه في داره، أو كالرجل يحجر نفسه في ناحية من داره، ويترك بابها مفتوحًا يدخل منه بغير إذنه: فهذا يجب القطع على من سرق من بيوتها المحجورة إذا خرج بسرقته عن جميع الدَّار، ولا يجب القطع على من سرق من قاعة الدَّار؛ لأن بقيّة الدَّار من تمام الحجر؛ ففارقت المحجة في أنها لا تدخل إلا بإباحة صاحبها، وإنما لم يسقط عنه القطع إذا خرج من جميع الدار، كما يسقط عن الضيف على مذهب ابن القاسم؛ لأن الضيف خصه بالإذن، فصار مؤتمنًا، وكان له فيما أخذ -على مذهبه- حكم الخائن لا حكم السارق.
وأما الدار المشتركة بين ساكنيها المباحة لسائر الناس كالفنادق التي يسكن كل واحد بيته على حدة، وقاعتها مباحة للبيع والشراء فيها، فحكم قاعتها حكم المحجة؛ فمن سرق من بيوتها شيئًا -كان من الساكنين فيها أو من غيرهم- وأخذ في قاعة الدار، فقد وجب عليه القطع، ولا خلاف في هذا أيضًا.
وأمَّا الدار المشتركة بين ساكنيها المحجورة عن سائر الناس، فلا خلاف