وفائدة الفرق بين يوم الحكم بالقطع كما قال أشهب، وبين يوم القطع على قول ابن القاسم إذا حدث له يسر بعد الحكم، وقبل: القطع أو حدث له عسر؛ فعمدة من جمع بين الأمرين أنه اجتمع في السَّرقة حَقَّان: حق الله، وحق الآدمي، فإن اقتضى كل ذي حق موجبه ومقتضاه.
وأيضًا، فإنهم لما أجمعوا على أنه يأخذ عين شيئه إذا وجده بعينه لزم إذا لم يوجد بعينه عنده أن يكون في ضمانه قياسًا على سائر الأموال الواجبة.
وعمدة أبي حنيفة، ومن وافقه حديث عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد"(١) وهذا الحديث خرَّجه النسائي، وفيه ضعف عند أهل الحديث.
قال أبو عمر: لأنه عندهم مقطوع.
وأبو حنيفة أيضًا يقول: إن اجتماع حقين في حق واحد مخالف للأصول.
ويقولون: إن القطع هو بدل من الغرم؛ ومن هاهنا يرون أنه إذا سرق شيئًا ما يقطع فيه، ثم سرقه ثانية أنه لا يقطع.
وأما تفرقة مالك، فاستحسان على غير قياس.
وأما الوجه الثاني: إذا كان الشيء المسروق قائمًا، إما بيده، وأما بيد مشتريه منه، فلا يخلو من أن يدخله التغيير أو لا يدخله.
فإن لم يتغير، فإنه يأخذه، فإن فات بيد مشتريه منه، فلا يخلو من أن يفوت بسببه أو بسبب سماوي.
(١) أخرجه الدارقطني (٣/ ١٨٢)، والبيهقي في الكبرى (١٧٠٦٠)، وأبو نعيم في الحلية (٨/ ٣٢٢)، وضعفه الدارقطني والبيهقي.