للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطئًا فيهما جميعًا، والعمد ما كان فيهما عمدًا، وما قاله حسن.

فعمدة من نفى شبه العمد أنه لا واسطة بين العمد والخطأ -أعني: بين أن يقصد القتل أو لا يقصده.

وعمدة من أثبت الواسطة أن النيات لا يطلع عليها إلا الله تعالى، وإنما الحكم بما ظهر؛ فمن قصد ضرب آخر بآلة تقتل غالبًا كان حكمه [حكم من قصد القتل عامدًا، فقتل بلا خلاف.

ومن قصد ضرب رجل بآلة لا تقتل غالبًا كان] (١) حكمه مترددًا بين العمد والخطأ.

هذا في حقنا لا في حق الأمر في نفسه عند الله.

أمَّا شبهة العمد فمن جهة ما قصد ضربه.

وأما شبهة الخطأ فمن جهة أنه ضربه بما لا يقصد به القتل، وقد روى في ذلك حديث مرفوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن قتيلًا يشبه العمد والخطأ قتيل [السوط] (٢) والعصا فيه دية مغلظة مائة من الإبل؛ منها أربعون في بطونها أولادها" (٣) إلا أنه حديث مضطرب عند أهل الحديث لا يثبت من جهة الإسناد فيما ذكره أبو عمر ابن عبد البر (٤)، وإن كان أبو داود وغيره قد خرجه بهذا النحو من القتل عند من لم يثبته يجب فيه القصاص، ومن أثبته تجب فيه الدِّية.

ولا خلاف في مذهب مالك أن الضرب الذي يكون على وجه الغضب


(١) سقط من أ.
(٢) في الأصول: للسوط.
(٣) أخرجه النسائي (٤٧٩١)، وأحمد (٦٥٣٣)، والدارمي (٢٣٨٣)، وابن حبان (٦٠١١) من حديث عبد الله بن عمرو، وصححه الألباني رحمه الله تعالى.
(٤) الاستذكار (٨/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>