واختلف في الحُرّيْن البالغين إذا قتلا حُرًا أحدهما عمدًا، والآخر خطأ على قولين:
أحدهما: أن العامد يقتل، وعلى المخطئ نصف الدية، وهو قول ابن الماجشون في "الواضحة".
والثاني: أن الدية بينهما أنصافًا؛ نصفها في مال العامد، ونصفها على عاقلة المخطئ.
والقولان لابن القاسم.
والذي حكاه القاضي أبو محمد عبد الوهاب أنه متى اشترك في القتل من يجب عليه القود، ومن لا قود عليه كالمخطئ، والعامد، والبالغ، والصغير, والعاقل، والمجنون أن القود على من يلزمه القود، وكان على الآخر بقسطه من الدية، فساوى بين مشاركة المخطئ، ومشاركة الصغير في القصاص ممن شاركه.
ومعنى تعليل ابن القاسم في "الكتاب"؛ لأنني لا أدري من أيهما مات إذا كان من الصبي خطأ، ومن الكبير عمدًا: أي: لا أدري هل مات من ضرب عمد أو ضرب خطأ؛ فهذا الذي يمنع القصاص من المتعمد كما لو كانا كبيرين، وأما لو كان الكبير والصغير عامدين فقد علم أنه مات من ضرب عمد، وإنما سقط القصاص عن الصغير لمعنى فيه لا لمعنى في الضرب؛ كما لو كانا كبيرين قتلاه عمدًا، فعفى عن أحدهما لم يسقط بذلك القصاص عن الآخر، أو قتل حر وعبد [عمدًا](١)، فإن سقوط القصاص عن الحر لا يسقط عن العبد؛ لأن ما أسقطه عن صاحبه لم يكن لمعنى في الفعل، وإنما كان لمعنى في الفاعل.