للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد "موطأ مالك" [دواوين] (١) في الفقه أفيد من "المدونة"، وهي عند أهل العلم ككتاب سيبويه عند أهل الإعراب، وككتاب إقليدس عند أهل الحساب، وموضعها من الفقه: موضع أم القرآن من الصلاة، وتجزئ عن غيرها, ولا يجزئ عنها غيرها، وكان مؤلفه على مذهب أهل العراق [فسلخ] (٢) أسد بن الفرات منها [الأسئلة] (٣) وقدم بها على مالك رحمه الله المدينة يسأله عنها، ويسيرها على مذهبه، فألفاه قد توفي، فأتى أشهب يسأله عنها فسمعه يقول: أخطأ مالك في مسألة كذا، وأخطأ في مسألة كذا، فاستنقصه لذلك وعابه، ولم يرض قوله فيها، وقال: ما أشبه هذا إليّ إلا [كرجل] (٤) بال في جانب البحر، فقال: هذا بحر آخر.

فدُل على ابن القاسم فأتاه يرغب إليه في ذلك، فأبى عليه، فلم يزل كذلك حتى شرح الله صدره لما سأله، فجعل يسأله عنها مسألة مسألة؛ فما كان عنده [من سماع] (٥) مالك، قال: نعم سمعت مالكًا يقول فيه كذا وكذا، وما لم يكن عنده سماع عن مالك إلا بلاغ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئًا، وبلغني عنه أنه قال فيه كذا وكذا، وما لم يكن عنده فيه سماع، ولا بلاغ، قال: لم أسمع من مالك فيه شيئًا، والذي أرى فيه كذا وكذا حتى أتمها.

فرجع بها إلى بلاده فطلبها منه سحنون، وكان معه في القيروان، فأبى


(١) في ب: ديوان.
(٢) في ب: فنسخ.
(٣) في ب: الأسدية.
(٤) في ب: برجل.
(٥) في أ: بسماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>