وشَذَّت الظَّاهِرِيَة، وقالوا: إن صام في السفر فلا يجزئه صيامه، ولابد له من قضائه في أيام أخر، والجمهور على خلاف ذلك.
وسبب الخلاف: اختلافهم في القرآن هل فيه مجاز أو كله حقيقة؛ وعلى هذا ينبني الخلاف الواقع بين الأصوليين في المسافر والمريض هل هما مخاطبان بالصيام أم لا؟
فمن قال: إن القرآن مشتمل على المجاز والحقيقة يقول بجواز صيام المسافر إذا صام؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}(١)، تقديره: فأفطر فعدة من أيام أُخَرْ. وهذا الذي يعبر عنه [ق/ ٦٣ أ] الأصوليون بفحوى الخطاب؛ وهو الضمير الذي لا يتم الكلام إلا به.
فإذا سافر فأفطر، فلا يخلو من ثلاثة أوجه:
إما أن يفطر قبل أن يخرج.
وإما أن يفطر بعد خروجه.
وإما أن يفطر بعد أن يُبَيِّت الصيام في السفر.
فالجواب عن الوجه الأول: إذا بَيَّتَ السفر وبَيَّتَ الصيام أيضًا وَنوَاه في نهاره، ثم أفطر قبل أن يخرج: فلا خلاف في وجوب القضاء.