للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال [ابن] (١) بكير -من أصحابنا-: فيكون قوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} (٢) تكرر أو يكون حكمها حكم الحائض حتى تغتسل، وهو الأشهر، وهو الذي يشبه أن يكون مثار الخلاف.

ومن فرق بين العبادات والعادات لاحظ جانب العبادات؛ إذ لا ضرر على المكلف في ترك العادات؛ إذ له عنه عوض؛ وهو ما أباحه الشرع من الاستمتاع بها بأعلاها.

فأما إذا رأت الطهر بعد طلوع الفجر: فلا يلزمها صوم ذلك اليوم باتفاق.

فإن شكت هل طهرت قبل الفجر أو بعده: فقد قال في "المدونة" (٣): إنها تصوم وتقضي؛ فأمرها بالصيام للاحتمال أن تكون طهرت قبل الفجر، وأمرها بالقضاء لاحتمال أن تكون طهرت بعد الفجر، ولم أر فيها في المذهب خلافًا منصوصًا، ولا يبعد دخول الخلاف فيها بالمعنى، وذلك أنهم احتاطوا للعبادات؛ إذ لا يزول الغرض إلا بيقين.

وللمعترض أن يقول: إن ذمتها برئت من حيث رأت الحيض، وأنها غير مخاطبة بالأداء، ولا بالقضاء، فلا تَعْمُر إلا بيقين ونية، واستصحاب الحال أصل من أصول الشرع، وهذا لا جواب عنه إذا وقع الإنصاف.

واختلف المتأخرون في تأويل ما وقع لابن القاسم في "المدونة" في هذه المسألة كيف علل بالشك في وجوب القضاء، ولم يعلل بالنية، ويقول: إنها لم تُبَيِّت الصيام:


(١) سقط من أ.
(٢) سورة البقرة الآية (٢٢٢).
(٣) انظر: المدونة (١/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>