للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حافظًا لدينه بالتِّقى والورع، صائنًا لعلمه بالتّنزه عن الطمع، مؤديًا لما يلزمه له من حق غير هائب فيه سطوة ذي ولاية، قد زانه أحسن الأعمال، ولم يَشِنْه بالإهمال والإغفال؛ كأبي عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المديني رضي الله عنه، فقيه مصره، وشيخ علماء عصره، والمجتمع على فضله ونبله، والمتأول سادات العلماء فيه أنه العالم الذي بَشَّرَ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمَ أنه أعلم أهل زمانه، والبائن بهذه الفضيلة دون كافة شركائه، وأقرانه، مع طرائقه المرضية الحميدة، وسيرته في العلم القويمة السعيدة، وتفضيل الأئمة له بما تغني شهرته عن الإطالة باقتصاصه.

فإن قال قائل: لسنا ننازعكم في فضله ونُبله، وعلو قدره، ومنزلته، ولكن لم صرتم إلى مذهبه دون مذهب غيره [ق/٣ ب]، وتدينتم بقوله، وأمرتم المبتدئ بالتفقه بدرسه، واعتقاده مع قولكم بصحة النظر ووجوبه، وبطلان التقليد وفساده.

وإن كونه من حيازته الفضائل، والمراتب، وكثرة الشمائل، والمناقب بحيث وصفتم غير كاف فيما ادعيتم؛ لأن هذه الأمور قد [شاركه] (١) فيها من لم تصيروا إلى مذهبه، ولم تحكموا بتصويب طريقته؟

فالجواب عن ذلك من وجهين [اثنين] (٢): أحدهما: من طريق الأثر، والثاني: من طريق النظر.

فأما من طريق الأثر: فما رواه سفيان بن عيينة عن [أبي] (٣) جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) في أ: شاركوه.
(٢) زيادة من ب.
(٣) في أ، ب: أبو، والمثبت هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>