للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في المقدار الذي يؤخذ منهم إذا دخلوا تجارًا على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه يؤخذ منهم ما [صولحوا] (١) عليه -قلَّ أو كثر.

وهو قول ابن القاسم في "المدونة" (٢).

والثاني: أنه لا يؤخذ منهم إلا العشر كأهل الذمة سواء، وهي رواية علي بن زياد عن مالك في "المدونة" أيضًا.

والثالث: التفصيل بين من كان معروفًا بالنزول قبل ذلك على العشر، وبين من لم يتقدم منه النزول قبل ذلك.

فإن كان ممن تقدم له النزول على العشر: حمل على ما اعتاد، ولا يزاد عليه.

وإن كان ممن لم يتقدم له النزول: فإنه يؤخذ منهم ما [صولحوا] (٣) عليه -قل أو كثر- وهو قول أصبغ في "كتاب ابن المواز" (٤).

وسبب الخلاف: معارضة القياس لفعل الصحابي؛ وذلك أن الذي يقتضيه القياس ألَّا تحديد فيما يؤخذ من تجار المشركين إذا اتجروا في بلاد المسلمين -كانوا من أهل الذمة أو من أهل الحرب- لعدم الأثر في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ العشر أو نصف العشر من تجار أهل الذمة بمحضر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ولم يكن منهم مُنْكِر لفعله رضي الله عنه، وأن القياس يقتضي نفي التقدير في حد ما يؤخذ منهم، وأن ذلك موكول إلى اجتهاد الإِمام؛ لأن ما طريقه التقدير يفتقر إلى دليل قاطع من جهة الشارع، ولا دليل إلا لفعل عمر


(١) في أ: صالحوا.
(٢) انظر: المدونة (٢/ ٢٨١).
(٣) في أ: صالحوا.
(٤) انظر: النوادر (٢/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>