رق إلى عتق؛ بل ذلك أحق وأولى من فك الرقاب التي بأيدينا وأما الغارمون، فقد قال القاضى أبو محمَّد عبد الوهاب: الغارمون: الذين لا يجدون لهم وفاءً لديونهم، ويكون لهم أموال بإزاء ديونهم، فيعطوا من الزكاة ما يقضون به ديونهم، وفي قوله نظر؛ لأنه قد يكون دينهم مائة دينار، وفي أيديهم مائة، فليس يقضى دينه. إن بقى في يده مائة دينار، والغارم يعطى من الزكاة بأربعة شروط:
ألا يكون عنده ما يقضي من دينه. وأن يكون الدين لآدمي، وأن يكون فيما يحبس فيه، وألا تكون تلك المداينة في فساد.
فقولنا: أن يكون الدين للآدمي احترازًا مما هو لله، مثل كفارة الظهار وقتل النفس.
فالذي لا يعطى منها؛ لأن ذمته غير عامرة بشيء يتخذ على اليقين.
وقولنا: أن يكون الدين مما يحبس فيه احترازًا من نفقة الوالدين على الاتفاق أو الولد على الخلاف؛ لأن نفقة الوالدين لا يحبس فيها حتى يستبرؤوا أمره إذا ادعى العسرة، وإنما تجب مع اليسر الظاهر.
وقد اختلف المذهب عندنا فيمن فرط فيها فلم يخرجها ناسيًا أو عامدًا حتى تلف ماله، فهل يعطى من الزكاة ما يؤدي به ما عليه من الزكاة أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه يعطي منها لأنه ممن يأخذه السلطان، ويحكم بها عليه ثم يردها إلى مواضع الزكاة، وقد برئت ذمته.
والثاني: أنه لا يعطى ولا يقضى من الزكاة دين زكاة؛ لأن هذه غصب، والمغصوب لا يقضى من الزكاة.
وهذا مخالف لمسألة كفارة الظهار، وقتل النفس؛ لأن الذمة هاهنا عمرت بشيء بعينه فأشبهت ديون المعاملة من وجه.