للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب الخلاف: حكم الحاكم هل يعذر به المحكوم له أم لا؟ فمن رأى [أنه] يعذر به قال: لا زكاة عليه في الزائد.

ومن قال: لا يعذر به قال: يعمل على ما وجد عليه رب الثمر، وهذا هو الأصح في النظر، والبناء على هذا الأصل يجر إلى المذهب العراقي الذي يقول: إن حكم الحاكم يحلل المحكوم به للمحكوم له، وهو خلاف النص المشهور.

والثابت من طريق الجمهور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما أنا بشر مثلكم" الحديث.

وأحد أقاويل المذهب في هذه المسألة عين مذهب الحنفي في أن حكم الحاكم يحلل الحرام، وإلا كيف تسقط الزكاة عمن رفع من تمر حائطه نصابًا لخمسة أوسق، وحق المساكين مستحق عليه وثابت عنده؟ ويعد خطأ الحاكم مما يسقط الحق الواجب عليهم ومتى عهد في الشريعة مثل هذا؟

والخارص إنما جعل حقًا لأرباب الأموال لئلا يحال بينهم وبين الانتفاع بأموالهم، وليس بأن يوجب أمرًا [غير] (١) ما كان قبل الخرص؛ ألا تراه لو ترك الخرص إذًا لكان ذلك مما يسقط الزكاة؟ وهذا ظاهر لمن أنصف، والحمد لله وحده.

وأما إذا كانوا جماعة فاختلفوا فخرص أحدهم نصابًا، وخرص بعضهم دون النصاب: فالحكم في ذلك بما خرصه الأكثر؛ إما إسقاط الزكاة وإما إثباتها؛ لأن الصواب إلى الأكثر أقرب، والخطأ إلى الواحد أقرب.

وإن تساوى العددان هل يحكم لمن أثبت أو لمن نفى؟ فالمذهب فيها


(١) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>