للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير سُنتي، ويهدون بغير هَديي، تعرف منهم وتُنكر، فقلت: هل بعد ذلك الخير مِن شر؟ قال: نعم: دعاة على أبواب جهنم. مَن أجابهم إليها قذفوه فيها، فقلت يا رسول الله، صِفهم لنا؟ قال: نعم قومُ من جلدتنا يتكلمون بألسنَتِنا، قلت: يا رسول الله، فما ترى إذا أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامَهم فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعَض على أصل شجَرة، حتى يُدركَكَ الموت، وأنت على ذلك). "متفق عليه"

٦ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن رأى مِن أميره شيئًا يكرهه فليصبر، فإنه مَن فارق الجماعة شبرًا فمات، فمِيتته جاهلية). "متفق عليه"

٧ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (خيار أئمتِكم الذين تحبونهم، ويحبونكم، وتُصَلون عليهم، ويُصلون عليكم، وشِرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، وتلعنونهم، ويلعنونكم، فقلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك، قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا مَن وُلَّي عليه وال، فرآه يأتي شيئًا مِن معصية الله، فليكره ما يأتي مِن معصية الله، ولا ينزِعَن يدًا مِن طاعته). "رواه مسلم"

٨ - وقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر، ما لم يأمروا بمعصية، فتأمل قول الله تعالى:

{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]

كيف قال: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، ولم يقل: وأطيعوا أولى الأمر منكم؛ لأن أولى

الأمر، لا يُفرّدون بالطاعة، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله، وأعاد الفعل مع الرسول؛ لأن مَن يطع الرسول فقد أطاع الله، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله، بل هو معصوم في ذلك، وأما ولي الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله، فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله.

وأما طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم مِن المفاسد أضعاف ما يحصل مِن جَورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات، ومضاعفة الأجور، فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء مِن جنس العمل، فعلينا بالاستغفار والتوبة وإصلاح العمل، قال الله تعالى:

{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}. [الشورى: ٣٠]

وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. [الأنعام: ١٢٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>